لا فرق بين الإذن في الإرتكاب الفعلي والتدريجي
أقول : محصّل ما ذكره ( دام ظله ) : أنه بعد العلم بتحقّق العنوان المحرّم الواقعي إجمالا يحكم العقل على سبيل الاستقلال بوجوب إطاعته بترك جميع محتملاته ، ويقبّح تجويز الشارع مخالفته بتركها سواء كان واقعيّا الذي يلزم منه التناقض ، أو ظاهريّا الذي يرجع إلى رفعه إيجاب الإطاعة للخطاب المعلوم بالإجمال لاستقلال العقل بقبح الثاني كالأوّل ؛ لأن طلب الشارع على سبيل الإلزام لا يجامع مع إذنه في المعصية في نظر العقل وهذا أمر ظاهر لا سترة فيه عند ذوي الأفهام المستقيمة.
ثمّ لا يتفاوت الأمر فيما ذكر بين أن يكون إذنه بارتكاب الجميع دفعة أو تدريجا لاتحاد المناط للمنع ووجوده فيهما على نحو سواء ؛ لأن الثاني أيضا إذن
__________________
جميع الآثار بينهما واقعا كدفع الخراج والزكاة والخمس والإستقضاء والإستفتاء.
وأمّا [ الثاني ] الجواب : فلأنه مصادرة صرفة ، وما زعمه من الإستثناء لا معنى له ؛ فإنّ بدليّة غير الحرام عن الحرام في الإجتزاء بالإجتناب عنه مرجعه إلى إمتثال الحرمة والنهي عن الخمر بالإجتناب عن الماء مثلا والتخيير في الحكم بمعنى رجوع أمره إلى المكلّف واختياره أيضا لا معنى له.
وقد عرفت : انه لا حاجة إلى هذه التكلّفات الرّكيكة والإطالة المملّة ؛ فإنّ كون العلم منجّزا بالذّات غنّي عن البرهان » إنتهى. أنظر محجّة العلماء : ج ٢ / ٣٤.