ثم إنه لا يخفى عليك أن عدم جواز الخروج عن القاعدة العقليّة بهذه الأخبار ليس من جهة عدم جواز الخروج عن القاعدة العقليّة بالخبر ؛ لما عرفت : من أن الإذن الوارد من الشارع يرفع صغرى حكم العقل بوجوب الدفع ، بل من جهة عدم دلالة تلك الأخبار وظهورها في ارتكاب البعض ولو من جهة إجمالها. وعبارة « الكتاب » وإن لم يخل عن شيء لكن لا بدّ من حملها على ما ذكرنا في بيان المراد.
(٨٧) قوله : ( والمرسل المتقدّم : اتركوا ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ٢١٩ )
أقول : لا يخفى عليك أن الاستدلال بالمرسل مبني على كون الأمر للوجوب كما هو الظاهر لا للطلب الراجح المشترك بينه وبين الاستحباب كما تقدّم في أخبار التوقّف والاحتياط.
(٨٨) قوله : وحيث إن دفع العقاب المحتمل ... إلى آخره ). ( ج ٢ / ٢٢٠ )
أقول : لا يخفى عليك أن هذا ليس استدلالا بحديث التثليث ، بل هو استدلال بحكم العقل ليس إلاّ ، كما هو ظاهر كلامه هنا. وقد تقدّم أيضا عند الجواب عن استدلال الأخباري : أن مفاده هو الطلب القدر المشترك بين الوجوب والاستحباب ، وكلّما يحكم بخصوص الوجوب والاستحباب فإنّما هو من جهة إحراز الهلكة المقتضية لهما فلا بد أن يكون من دليل آخر. فذكر هذا الخبر في المقام مما لا جدوى فيه أصلا كما لا يخفى ؛ حيث إنه لا ينفع في إحراز الموضوع ولا في حكمه بعد إحرازه من الخارج. والحاصل : أن حاصل هذا الاستدلال