المجتهد بخبر العادل في الفروع ، كذلك يعمل العامي به ؛ غاية الأمر كون المجتهد نائبا عنه في تشخيص مدلول الخبر ودفع معارضاته. ومن هنا جاز للعامي في زمان الحضور العمل بالروايات كما جاز له التقليد والعمل بالفتاوي ، مع أنه لم يقل أحد بكون مسألة حجيّة خبر الواحد مسألة فرعيّة ؛ فاختصاص [ ال ] مسائل الأصوليّة في زماننا هذا وأشباهه بالمجتهد إنّما هو عارضيّ من جهة قدرته على العمل بها وعجز العامي عنها. هذا ما لخّصناه من إفاداته بطولها في « الرسالة » في الإيراد على الجواب الثالث (١).
وقال قدسسره ـ بعد ما لخصّناه ـ ما هذا لفظه : « إذا عرفت ما ذكرنا ظهر لك : أن قاعدة التسامح مسألة أصوليّة ؛ لأنها بعد إتقانها واستنباط ما هو مراد الشارع منها في الأخبار المتقدّمة ، فهو شيء يرجع إليه المجتهد في استحباب الأفعال ، ولا ينفع المقلّد في شيء ؛ لأن العمل بها يحتاج إلى إعمال ملكة الاجتهاد وصرف القوّة القدسية في استنباط مدلول الخبر ، والفحص عن معارضة الراجح عليه ، أو المساوي له ، أو نحو ذلك ممّا يحتاج إليه العمل بالخبر الصحيح ، فهو نظير مسألة حجيّة الخبر الواحد ، ومسائل الاستصحاب ، والبراءة ، والاحتياط ؛ في أنها يرجع إليها المجتهد ولا ينفع المقلّد ؛ وإن كانت نفس القاعدة قطعيّة المراد من حيث العموم أو الخصوص.
__________________
(١) رسالة في قاعدة التسامح في أدلّة السنن : ١٤٤ ـ ١٤٩.