الفعل الجامع لجميع ما يعتبر فيه بأحد الوجهين عدا نيّة التقرّب ، فلم يؤخذ قصد التقرّب المتوقّف على العلم بالأمر في المأمور به حتى يلزم الدور ؛ فإن قصد القربة ليس في عداد سائر الشرائط المأخوذة في المأمور به وفي عرضها ومرتبتها ، وإنما هي مأخوذة في الإطاعة المتأخرة عن الأمر. فكيف يعتبر في المأمور به المقدّم على الأمر فيقال : إنّ المراد من الصّلاة مثلا المتعلّقة بها الأمر هو الفعل الجامع لجميع الأجزاء والشرائط من غير أن يلاحظ فيها قصد التقرّب؟ وبعد قيام الدليل على كونها عبادة يحكم بوجوب إيجادها بعنوان العبادة وامتثال أمر الشارع المتوقف على الأمر ، المفروض تعلّقه بها مجرّدة عن قصد التقرّب.
وكذلك يقال في التقوى والاحتياط وإن المراد من عنوانهما المنطبق على العبادة المحتملة هو الفعل القابل للوجوب بجميع ما له دخل فيه عدا نيّة التقرّب ، فالفعل يتعلّق به الأمر الندبي مجرّدا عن قصد الامتثال ، فإذا فرض كون المحتمل عبارة على تقدير وجوبه يؤتى به بداعي امتثال أوامر التقوى والاحتياط ، والذي يشهد لما ذكر من تجريد الفعل عن قصد الأمر استقرار سيرة المجتهدين على الفتوى باستحباب الفعل المذكور وإن لم يعلم المقلّد بكونه محتمل الوجوب ، فضلا عن أن يوجبون (١) عليه الإتيان به لداعي امتثال الأمر المحتمل ، ولو أريد بالاحتياط معناه الظاهر لم يجز للمفتي أن يفتي باستحبابه على الوجه المزبور.
__________________
(١) كذا والصحيح : أن يوجبوا.