المزاحمة بينهما لم تكن الا فيما يشتركان فيه من جزء الكون ، واما الكيفية والخصوصية اللاحقة له باعتبار الاضافة الى عدم رضاء المالك او باعتبار افعال الصلاة فلا مزاحمة للحكمين فيما بينهما لاختلاف الموضوع فيهما حينئذ ، فتكون الصلاة فى الدار الغصبية ذات جهتين غصبية وصلاتية ، وهى باعتبار ما لها من الكون المنسوب الى عدم رضاء المالك مبغوضة وباعتبار الصلاتية محبوبة ، فان اتى بها بملاحظة ما لها من رجحان الصلاتية كانت صحيحة ان اجتزينا فى العبادة بنية التقرب فى مجرد الخصوصية.
فتلخص مما قررناه ان البناء على الجواز عند معتبر تعدد الجهة ، لا يكون إلّا حيث تختلف الجهات بالمنشإ ، اما بتمامه كما فى الجنس والفصل ، او ببعضه كما فى المشتقات بناء على اعتبار الذات فى مفهومها ، وكما فى مثال الغصب والصلاة بناء على ما هو التحقيق من اعتبار الكون فى مفهومهما ، ولا ينقدح فيما ذكر اتحاد الوجود الخارجى فى الجنس والفصل ، اذ ذلك انما يمنع عن تعلق الامر والارادة الفعلية بالشىء الواحد ذى الجهتين المتلازمتين ، اما المحبوبية والمبغوضية ، فلا ضير فى تعلقهما بالشيء الواحد باعتبار ما له من الجهات المتعددة المختلفة ، وان كانت متلازمة الوجود ، بل قد نقول بجواز توارد الامر والنهى على المتلازمات فى الوجود بنحو الترتب ، كما مرت الاشارة اليه آنفا ، فينهى عن ايجاد الجنس اولا فى ضمن اى نوع ، ثم يرد امر آخر مرتب على ذلك النهى ويقول المولى ان عصيتنى وخالفت امرى فليكن ما تأتيه من الجنس الحيوانى فى ضمن نوع الانسان المتميز من غيره من الانواع بالناطقية ، وبالجملة لا ينبغى الارتياب فى جواز الاجتماع بهذا المعنى فى ذى الجهات.