«فى جريان البراءة عند الشك فى اعتبار القربة»
هذا كله الكلام فيما يتعلق بالدليل الاجتهادى ، واما من حيث الدليل الفقاهتى والاصل العملى ، فهل يرجع فيه الى اصالة الاشتغال او البراءة؟ فيه خلاف ينشأ من الخلاف المذكور فى مسئلة الاقل والاكثر الارتباطيين ، فإن الاصحاب فى تلك المسألة على قولين ، قول بالاشتغال وقول بالبراءة فمن قال فيها بالاشتغال قال به فى المقام ، ومن قال فيها بالبراءة قال بها هنا ايضا.
وتفصيل ذلك ان اعتبار القربة لما كان امرا وراء التكليف بنفس العمل ، كان التكليف بالعمل نفسه امرا يقينيا لا شك ولا شبهة فيه ، وانما الشك فى اعتبار القربة زائدا على ذات العمل ، فيدور الامر حينئذ بين الاقل والاكثر ، ويندرج فى تلك المسألة ، فمن ذهب فيها الى الاشتغال استند الى العمل الاجمالى الدائر طرفاه بين الاقل والاكثر ، فيلزم مراعاته باتيان الاكثر ومن ذهب فيها الى البراءة نظر الى انحلال العلم الاجمالى الى العلم التفصيلى بالاقل ، والشك البدوى فى الاكثر ، وبنى فى المشكوك على البراءة.
والحاصل ان مرجع الخلاف فى المقام الى المسألة المعروفة فى الشك بين الاقل والاكثر الارتباطيين وانها من قبيل الشك فى التكليف او المكلف به.
ان قلت : فرق بين المقام ومسئلة الاقل والاكثر الارتباطيين «اذ لا مجال هاهنا الا لاصالة الاشتغال ولو قيل باصالة البراءة فيما اذا دار الامر بين الاقل والاكثر الارتباطيين ، وذلك لان الشك هاهنا