لا يتحقق وجودهما فى عالم الخارج إلّا بانشاء فهو واسطة ثبوت فى تحققهما لا واسطة اثبات.
«الكلام فى ان الطلب هل هو عين الارادة او غيرها؟»
ثم ان الطلب هل هو عين الارادة كما عليه المعتزلة او غيرها كما عليه الاشاعرة؟ فيه نزاع معروف بين الفريقين ، وربما يحمل الطلب فى كلام القائل بالمغايرة على الانشائى وتحمل الارادة فى كلامه على الارادة الحقيقية ، فيكون المحتمل من القول بالمغايرة على هذا الوجه ، هو دعوى المغايرة بين الطلب الانشائى والارادة الحقيقية ، وهذا المقدار من المغايرة لا يتحاشاه القائل بالاتحاد والعينية فيرجع النزاع بين الفريقين لفظيا.
وقريب من هذا الوجه حمل الطلب فى كلام القائل بالمغايرة على البعث والايجاب المترتب على الطلب الانشائى ، حيث انه بعد انشاء الطلب يحكم العقل بلزوم الموافقة والطاعة ، فينتزع من ذلك الوجوب والالزام ، وهذا هو الطلب المدعى مغايرته مع الارادة.
وربما يؤيد ذلك تقسيمهم الطلب الى الوجوب والاستحباب ، فإن الطلب المنقسم اليهما متحد معهما ولا يكون هو الارادة الحقيقية ، اذ الارادة هو السبب الباعث الى وجود هذه المرتبة من الطلب الانشائى المنقسم الى هذين القسمين ، فكيف تتحد الارادة معها وليس نسبتها الى الطلب الانشائى الا كنسبة العلة الى معلولها هذا.
ولكنك خبير بأنه من المستبعد كمال البعد لفظية مثل هذا النزاع العظيم ، وهذا التشاجر الواقع من سالف الزمان بين المعتزلة والاشاعرة ، بل الظاهر ان مدعى المغايرة يدعى المغايرة المعنوية