«فى دلالة النهى على التكرار والدوام وعدم دلالته عليه»
ثم ليعلم انه قد وقع النزاع بينهم فى دلالة النهى على التكرار والدوام وعدم دلالته عليه. ونظر القول بالدلالة الى ان النهى يقتضى المنع من ادخال الماهية فى الوجود وهو لا يتحقق إلّا بالامتناع من ادخال كل فرد فيه. ويرد عليه ان التكرار المدعى هو التكرار الذى يستتبع العصيانات المتكررة ، ومثل هذا التكرار انما يستتبع عصيانا واحدا اذ العصيان نقيض الطاعة وقد كانت الطاعة موقوفة على ترك الطبيعة والانزجار عن ايجادها بالمرة ، فيكون العصيان فى عدم الانزجار عنها بهذا النحو وهو انما يحصل بالمخالفة مرة واحدة ولازمه سقوط العصيان فى حقه بعد العصيان الاول ولا يكاد يلتزم به احد فى النواهى النفسية لما هو المعلوم من ضرورة المذهب ان الزانى يتكرر فى حقه العصيان بتكرار الزنا ، بل لا يكاد يخطر بالبال من احد الا انفهام السريان فى النهى المستلزم لتكرار العصيان ، وظاهر ان مجرد النهى عن الطبيعة لا يقتضى السريان فى مدلول النهى فهذا التقريب من الاستدلال غير مطابق للدعوى.
نعم يتم فى النواهى الغيرية التى يسقط النهى فيها بالمخالفة بالمرة الاولى خاصة ، فمن احدث فى صلاته انتقض وضوئه وبطلت صلاته ، فلو احدث ثانيا لم يكن لحدثه الثانى اثر فى الانتقاض ، اذ لا معنى لانتقاض المنتقض ، بل هو تحصيل الحاصل ولا يكاد يصدر النهى عن الحاصل من المولى الحكيم.
والاحسن فى تقريب الاستدلال للمدعى ان يقال : ان لكل من