«كما هو الحال فى غالب العمومات الواقعة فى السنة اهل المحاورة ، فلا شبهة فى ان السيرة على العمل به بلا فحص عن المخصص كما لا يخفى.»
«فى الخطابات الشفاهية»
«فصل :» اختلفوا فى اختصاص الحاضرين بخطاب المشافهة ، او عدم اختصاصهم به؟ بل يشترك معهم الغائبون والمعدومون؟
وينبغى اولا ان يعلم ان نحو الخطاب فى الكلام مختلف ، فتارة يكون بنحو يا زيد يجب على المسافرين كذا وعلى الحاضرين كذا ، ومثل هذا الحكم المستفاد من هذا الكلام يعم الحاضرين وغيرهم من الغائبين والمعدومين بلا نزاع فيه من احد ، واخرى يكون بنحو المواجهة مع الغير بأداة الخطاب ، بنحو قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ)(١) ويجب عليكم كذا ، وافعل كذا ، ونحو ذلك مما يفيد بظاهره اختصاص الحكم المستفاد منه ، بالمواجهة بالكلام ، ومثل هذا كثير فى لسان الآيات والاخبار ، فيقع فى مثله النزاع المذكور ، لكن مثله وان كان لا يكاد ينكر ظهوره فى اختصاص الحكم بالحاضرين فى مجلس التخاطب ، بل من توجه اليه ذلك الخطاب من بين الحاضرين ، إلّا ان بناء الاصحاب رضوان الله تعالى عليهم فى جميع ابواب الفقه ، على الغاء الخصوصية ، ولا يبعد ان يكون هذا البناء جاريا فى المحاورات العرفية ايضا ، فيكون للكلام حينئذ ظهور ثانوى فى صيرورة الحكم المستفاد منه ، كالقاعدة المضروبة الجارية فى حق الحاضرين وغيرهم من الغائبين
__________________
(١) ـ البقرة : ١٨٣.