«فى استفادة السريان من المطلق بمقدمات الحكمة»
«فصل :» المطلق كما تقدم لا دلالة له الا على الماهية المبهمة ، فيحتاج استفادة الشيوع والسريان منه الى قرينة حالية او مقالية ، وقد يستفاد ذلك من قرينة عقلية ، بملاحظة ان المتكلم اذا كان فى مقام بيان تمام مراده ، ولم يقم ما يدل على تعيين مراده ، مع انتفاء قدر المتيقن فى مقام التخاطب ، فلا بد وان يكون مراده الماهية الشائعة فى جميع الافراد ، وهذا حكم عقلى يحكم به العقل حكما جزميا ، اذا كانت المقدمات الثلث كلها جزمية ، وإلّا كان حكما ظنيا معتبرا ، لاستناده الى ظهور حال او مقال.
وربما يستشكل فى اطلاق القول بأن المقدمات ، اذا كانت جزمية كان الشيوع فى الماهية جزميا كذلك ، لجواز التفكيك بين واقع المراد وبين ما يلقى الى المخاطب ، ليكون حجة فى حقه يعمل به حتى يرد دليل على خلافه ، فإن ما يتلقاه المخاطب من المتكلم انما يكون حجة له ، وعليه اذا لم تقم حجة اقوى على خلافه ، فاذا ظفر بالمقيد ينكشف لديه حال واقع المراد ، وانه على خلاف ما القى اليه من الكلام الذى كان حجة على الاطلاق عنده قبل الظفر بالمقيد ، فجاز حينئذ تخلف الحجة عن الواقع ، ولم يكن يستفاد من المقدمات الثلث ، الا صحة الاحتجاج بالكلام على الاطلاق.
فان كانت المقدمات الثلث كلها جزمية ، كانت حجية الاطلاق المستنتجة منها جزمية ، سواء وافقت الحجة للمراد الواقعى او خالفته ، وان كانت المقدمات كلها او بعضها ظنية ، كانت حجية الاطلاق