«حول تقسيمات الواجب»
«الامر الثالث فى تقسيمات الواجب ، منها تقسيمه الى المطلق والمشروط.»
وربما يستشكل فى هذا التقسيم بأنه ينافى المعهود لديهم من اشتراط جميع التكاليف بالشرائط العامة من البلوغ والعقل والقدرة والاختيار ، اذ عليه تكون الواجبات كلها مشروطة ، ولا يبقى مجال لصيرورتها مطلقة حتى يتجه التقسيم المذكور.
ويدفعه ان التقسيم ناظر الى مرتبة الخطاب دون التنجز ولا خطاب متوجه الى الطفل والمجنون ، اما غير المميز منهما فلامتناع خطابهما اقتضاء فعلية ، واما المميز منهما فلرفع الخطاب عنهما بنص الشارع ، واما القدرة والاختيار فهما كالعلم من شرائط التنجز دون الاقتضاء ، فالخطاب الاقتضائى متحقق فى حق العاجز والجاهل وان لم يتنجز فى حقه التكليف فعلا ، فصح لنا حينئذ تقسيم الواجبات بحسب مرتبة الخطاب الاقتضائى الى واجب مطلق ومشروط بلا محذور فيه اصلا كما هو اوضح من ان يخفى.
ثم ان غرض الاقصى من هذا التقسيم التنبيه على ان الذى هو محط النزاع ، ما يكون مقدمة للواجب المطلق دون المشروط ، واما مقدمة المشروط فلا يجب من ناحية وجوب المشروط لامتناع ترشح الوجوب الى المقدمة قبل حصول وجوب ذيها لاستحالة تقدم المعلوم على علته ، وحينئذ اذا اتفق للشىء مقدمتان مقدمة وجوب ومقدمة وجود ، كالحج بالنسبة الى الاستطاعة التى هى مقدمة وجوبها ، والى