بقطع مسافة ، فوجب أن لا تلزم الأعمى كالجهاد (١) .
وهو خطأ ؛ لأنّ العمى ليس فيه أكثر من فقد الهداية بالطريق ومواضع النسك ، والجهل بذلك لا يُسقط وجوب القصد ، كالبصير يستوي حكم العالم به والجاهل إذا وجد دليلاً ، فكذا الأعمى .
ولأنّه فقد حاسّة ، فلم يسقط بها فرض الحجّ بنفسه ، كالأصمّ .
مسألة ١٠ : مقطوع اليدين أو الرِّجْلين إذا استطاع التثبّت على الراحلة من غير مشقّة إمّا مع قائد أو معين إن احتاج إليه ووجده ، أو بدونهما إذا استغنى عنهما ، وجب عليه الحجّ ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لعموم قوله تعالى ( وَلِلَّهِ عَلَىٰ النَّاسِ ) (٣) الآية ، وغيرها من الأدلّة .
وقال أبو حنيفة : لا يلزمه كالأعمى (٤) . والخلاف فيهما (٥) واحد .
مسألة ١١ : المحجور عليه للسفه يجب عليه الحجّ كغيره مع الشرائط ، للعموم ، إلّا أنّه لا يدفع المال إليه ؛ لأنّه ممنوع من التصرّف فيه ؛ لتبذيره ، بل يُخرج الولي معه مَنْ ينفق عليه بالمعروف ويكون قيّماً عليه .
ولو احتاج إلى زيادة نفقة لسفره ، كان الزائد في ماله ينفق القيّم عليه منه ، بخلاف الصبي والمجنون إذا أحرم بهما الولي ؛ فإنّ نفقتهما الزائدة بالسفر في مال الولي ـ خلافاً للشافعي في أحد القولين (٦) ـ لأنّه لا وجوب عليهما ، وإذا زال عذرهما ، لزمهما حجة الإِسلام ، بخلاف المُبذّر .
ولو شرع السفيه في حجّ الفرض أو في حجّ نذره قبل الحجر بغير إذن
__________________
(١) المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ١٥٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٢١ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ١ : ١٣٤ ، تحفة الفقهاء ١ : ٣٨٤ ، فتح العزيز ٧ : ٢٧ .
(٢) الحاوي الكبير ٤ : ١٤ ـ ١٥ ، المجموع ٧ : ٨٥ .
(٣) آل عمران : ٩٧ .
(٤) الحاوي الكبير ٤ : ١٥ ، المجموع ٧ : ٨٥ .
(٥) أي في الأعمى ومقطوع اليدين أو الرجلين .
(٦) فتح العزيز ٧ : ٢٧ .