العبادة ، فلا يجب عليه الدم ، كما لو أحرم منه ، أمّا إذا عاد بعد فعل شيء من أفعال الحج فقد عاد في غير وقت إحرامه ؛ لأنّ الإِحرام يتقدّم أفعال الحج .
وقد بيّنّا أنّ فعله لا اعتداد به ، فلا فرق بينهما .
وقال أبو حنيفة : إن رجع إلى الميقات ، سقط عنه الدم ، وإن لم يلبّ لم يسقط (١) .
وقال مالك : يجب الدم مطلقاً ـ وبه قال أحمد وزفر وابن المبارك ـ لقول ابن عباس : من ترك نسكاً فعليه دم (٢) .
ونمنع كون قوله حجةً أو العموم .
إذا عرفت هذا ، فلو لم يرجع مع قدرته ، بطل إحرامه وحجّه .
وقال الشافعي : إن لم يتمكّن من الرجوع ، جاز أن يُحْرم من مكانه ، ويجب الدم ، وإن لم يكن له عذر ، وجب الرجوع ، فإن لم يرجع أثم ، ووجب الدم ، وصحّ إحرامه (٣) .
وقد بيّنّا بطلانه .
مسألة ١٥٥ : لو تجاوز الميقات ناسياً أو جاهلاً ، أو لا يريد النسك ثم تجدّد له عزم ، وجب عليه الرجوع إلى الميقات ، وإنشاء الاحرام منه مع القدرة ، ولا يكفيه المرور بالميقات ، فإن لم يتمكن ، أحرم من موضعه ، ولو أحرم من موضعه مع إمكان الرجوع ، لم يجزئه .
__________________
(١) المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ١٧٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦٥ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧٢ ، المجموع ٧ : ٢٠٨ .
(٢) المغني والشرح الكبير ٣ : ٢٢٥ ، بداية المجتهد ١ : ٣٢٤ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٤٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٦٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧١ ، المجموع ٧ : ٢٠٨ .
(٣) فتح العزيز ٧ : ٨٩ ، المجموع ٧ : ٢٠٦ .