وأمّا إذا كان قد وجب عليه أوّلاً : فلأنّه لم يأت بالواجب فيبقى في عهدة التكليف ، لأنّ الحجّ الذي أتى به كان عن المنوب ، فيبقى ما ثبت عليه أوّلاً .
وقد روى معاوية بن عمّار ـ في الصحيح ـ عن الصادق عليه السلام ، قال : « حجّ الصرورة يجزئ عنه وعمّن حجّ عنه » (١) .
قال الشيخ رحمه الله : معنى قوله : « يجزئ عنه » مادام معسراً لا مال له ، فإذا أيسر ، وجب عليه الحجّ (٢) .
أقول : ويحتمل أن يكون المراد : أنّه يجزئ عنه عمّا وجب عليه بالاستئجار .
مسألة ٨٨ : النائب كالمنوب ، قاله أحمد ، فلو أحرم النائب بتطوّع أو نذر عمّن لم يحجّ حجّة الإِسلام ، وقع عن حجّة الإِسلام ؛ لأنّ النائب يجري مجرى المنوب عنه (٣) .
والتحقيق أن نقول : إن كان النائب قد استؤجر لإيقاع حجّ تطوّع أو نذر ، ففعل ما استؤجر له ، أجزأ عنه ، ولا يجزئ عن المنوب إن كان عليه حجّة الإِسلام ؛ لأنّه لم ينوها . وإن تبرّع النائب بالحجّ عنه في أحد النسكين : إمّا النذر أو التطوّع ، لم ينقلب إلى حجّة الإِسلام أيضاً .
وإن كان النائب قد استؤجر لإِيقاع حجّة الإِسلام ، فنوى التطوّع عنه أو عن المنوب ، أو النذر كذلك ، لم يجزئه ؛ لأنّه لم يفعل ما وقع عليه عقد الإِجارة .
مسألة ٨٩ : لو استناب رجلين في حجّة الإِسلام ومنذورة أو تطوّع في عام ، فأيّهما سبق بالإِحرام وقعت حجّته عن حجّة الإِسلام ، وتقع الاُخرى تطوّعاً أو عن النذر ـ قاله أحمد ـ لأنّه لا يقع الإِحرام عن غير حجّة الإِسلام ممّن
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٤١١ ـ ٤١٢ / ١٤٣٢ ، الاستبصار ٢ : ٣٢٠ / ١١٣٦ .
(٢) التهذيب ٥ : ٤١٢ ، الاستبصار ٢ : ٣٢١ .
(٣) المغني ٣ : ٢٠٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٠٩ ـ ٢١٠ .