والواجب في النيّة أن يقصد بقلبه إلى اُمور أربعة : ما يحرم به من حجّ أو عمرة متقرّباً به إلى الله تعالى ، ويذكر ما يحرم له من تمتّع أو قران أو إفراد ، ويذكر الوجوب أو الندب وما يحرم له من حجّة الاسلام أو غيرها .
ولو نوى الإِحرام مطلقاً ولم يذكر لا حجّاً ولا عمرةً ، انعقد إحرامه ، وكان له صرفه إلى أيّهما شاء إن كان في أشهر الحجّ ؛ لأنّها عبادة منويّة .
ولما رواه العامّة أنّ النبي صلّى الله عليه وآله ، خرج من المدينة لا يسمّي حجّاً ولا عمرةً ينتظر القضاء ، فنزل عليه القضاء وهو بين الصفا والمروة ، فأمر أصحابه مَن كان منهم أهلّ ولم يكن معه هدي أن يجعلوها عمرةً (١) .
ومن طريق الخاصة : ما رواه ابن بابويه عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : لمّا رجع من اليمن وجد فاطمة عليها السلام قد أحلّت ، فجاء إلى النبي صلّى الله عليه وآله مستنبئاً (٢) ومُحرشاً (٣) على فاطمة عليها السلام ، فقال : « أنا أمرت الناس فبم أهللت أنت يا علي ؟ » فقال : « إهلالاً كإهلال النبي صلّى الله عليه وآله » فقال النبي صلّى الله عليه وآله : « كُن على إحرامك مثلي ، فأنت شريكي في هديي » وكان النبي صلّى الله عليه وآله ساق معه مائة بدنة ، فجعل لعلي عليه السلام منها أربعاً وثلاثين ، ولنفسه ستّاً وستّين ، ونحرها كلّها بيده ، ثم أخذ من كلّ بدنة جذوةً (٤) ، ثم طبخها في قدر ، وأكلا منها وتحسّيا (٥) من المرق ، فقال : « قد أكلنا الآن منها جميعاً » ولم يعطيا الجزّارين جلودها ولا
__________________
(١) سنن البيهقي ٥ : ٦ ، اختلاف الحديث : ٢٢٧ ، وأورده ابن قدامة في المغني ٣ : ٢٥١ .
(٢) في المصدر : مستفتياً .
(٣) أراد : ما يوجب عتابها . مجمع البحرين ٤ : ١٣٣ .
(٤) أي : قطعة .
(٥) أي : شربا منه شيئاً بعد شيء . والحسوة : الجرعة من الشراب ملء الفم . مجمع البحرين ١ : ٩٩ .