وأيضاً فإنّ السند لا يخلو من ضعف ؛ فإنّ الحديث الذي رواه حذيفة بن منصور عن الصادق عليه السلام ، قال : « أنزل الله فرض الحجّ على أهل الجدة في كلّ عام » (١) في طريقه محمد بن سنان وفيه قول .
مسألة ٧ : قد بيّنّا أنّ الواجب بأصل الشرع مرّة واحدة في الحجّ والعمرة ، وما عداها مستحب مندوب إليه إلّا لعارض يقتضي وجوبه ، كالاستئجار وغيره ممّا تقدّم ذكره ، ويتكرّر الوجوب بتكرّر السبب .
وليس من العوارض الموجبة : الردّة والإِسلام بعدها ، فمن حجّ أو اعتمر ثم ارتدّ ثم عاد إلى الإِسلام لم يلزمه الحجّ عند علمائنا ، وبه قال الشافعي (٢) ، خلافاً لأبي حنيفة (٣) .
ومأخذ الخلاف : أنّ الردّة عنده (٤) مُحبطة للعمل ، وعندنا وعند الشافعي (٥) أنّها إنّما تحبطه بشرط أن يموت عليها .
قال الله تعالى : ( وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ ) (٦) الآية .
وأحمد وافق أبا حنيفة في المسألة لكن لا من جهة هذا المأخذ (٧) .
مسألة ٨ : ووجوب الحجّ والعمرة على الفور لا يحلّ للمكلّف بهما تأخيره عند علمائنا أجمع ـ وبه قال علي عليه السلام ، ومالك وأحمد والمزني وأبو يوسف (٨) ، وليس لأبي حنيفة فيه نصٌّ (٩) ، ومن أصحابه من قال : هو
__________________
(١) الكافي ٤ : ٢٦٦ / ٦ ، التهذيب ٥ : ١٦ / ٤٦ ، الاستبصار ٢ : ١٤٨ / ٤٨٦ .
(٢ ـ ٥) المجموع ٧ : ٩ ، فتح العزيز ٧ : ٥ .
(٦) البقرة : ٢١٧ .
(٧) كما في فتح العزيز ٧ : ٥ .
(٨) مقدّمات ابن رشد ١ : ٢٨٨ ، الكافي في فقه الإِمام أحمد ١ : ٤٦٧ ، المغني ٣ : ١٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ١٨٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٤ ، المجموع ٧ : ١٠٢ و ١٠٣ ، فتح العزيز ٧ : ٣١ ، تحفة الفقهاء ١ : ٣٨٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١١٩ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ١ : ١٣٤ .
(٩) كما في الحاوي الكبير ٤ : ٢٤ ، والمجموع ٧ : ١٠٣ .