ولا نعلم فيه خلافا إلّا من الحسن البصري ومجاهد ، فإنّهما قالا : إن قتله متعمّداً ذاكراً لإِحرامه لا جزاء عليه ، وإن كان مخطئاً أو ناسياً لإِحرامه ، فعليه الجزاء (١) .
وهو مخالف للقرآن ؛ فإنّه تعالى علّق الكفّارة على القتل عمداً والذاكر لإِحرامه متعمّداً ، ثم قال في سياق الآية : ( لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ ) (٢) والساهي والمخطئ لا عقاب عليه ولا ذمّ ، ولا نعرف لهما دليلاً على مخالفتهما لنصّ القرآن والإِجماع ، فلا اعتداد بقولهما .
مسألة ٣٧٣ : لا خلاف في وجوب كفّارة الصيد على القاتل ناسياً ، والعامد قد بيّنّا وجوبها عليه أيضاً .
وأمّا الخاطئ ، فإنّ الكفّارة تجب عليه كذلك أيضاً عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الحسن البصري وعطاء والنخعي ومالك والثوري وأصحاب الرأي والزهري (٣) ـ لما رواه العامّة عن جابر ، قال : جعل رسول الله صلّى الله عليه وآله في الضبع يصيده المُحْرم كبشاً (٤) .
وقال عليه السلام : ( في بيض النعام يصيبه المُحْرم ثمنه ) (٥) ولم يفرّق عليه السلام بين العامد والخاطئ .
ومن طريق الخاصّة : قول أبي الحسن عليه السلام : « وعليه الكفّارة » (٦) .
ولأنّه إتلاف مال ، فاستوى عمده وخطؤه .
__________________
(١) المغني ٣ : ٥٣٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٩٦ ، المجموع ٧ : ٣٢٠ .
(٢) المائدة : ٩٥ .
(٣) المغني ٣ : ٥٤١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٢ ، المجموع ٧ : ٣٢١ .
(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٣١ ـ ١٠٣٢ / ٣٠٨٥ ، سنن الدارقطني ٢ : ٢٤٦ / ٤٩ ، سنن البيهقي ٥ : ١٨٣ .
(٥) سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٣١ / ٣٠٨٦ ، سنن الدارقطني ٢ : ٢٥٠ / ٦٤ .
(٦) الكافي ٤ : ٣٨١ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٦٠ ـ ٣٦١ / ١٢٥٣ .