إذا عرفت هذا ، فإنّ الاستنابة في التطوّع لا تختص بالعاجز ، بل للصحيح أيضا الاستنابة في حجّ التطوّع ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد (١) .
وقال الشافعي بالاختصاص (٢) .
ومنع مالك من النيابة عن الحيّ في الفرض والتطوّع ، وخصّها بالميّت (٣) .
مسألة ٩٨ : قد بيّنّا أنّ المريض الذي يرجى زوال علّته ليس له أن يحجّ عنه نائباً ، فإن أحجّ غيره ثم زالت علّته ، لم يجزئه قولاً واحداً ، وإن مات أجزأه ذلك ، لأنّا تبيّنّا أنّها لم تكن مرجوّة الزوال ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين ، والثاني : لا يجزئه ؛ لأنّ الاستنابة لم تكن جائزةً (٤) .
وعلى عكس ذلك لو كانت علّته غير مرجوّة الزوال ، فأحجّ عن نفسه ثم عوفي ، فللشافعية طريقان :
أظهرهما : طرد القولين .
والثاني : القطع بعدم الأداء ، وبه قال أبو حنيفة .
والفرق : أنّ الخطأ في الصورة الاُولى غير مستيقن ؛ لجواز أن لا يكون المرض بحيث لا يوجب اليأس ثم يزداد فيوجبه فيجعل الحكم للمآل ، وهنا الخطأ متيقّن ؛ إذ لا يجوز أن يكون اليأس حاصلاً ثم يزول .
والطاردون للقولين في الصورتين قالوا : مأخذهما أنّ النظر إلى الحال أو إلى المآل ، إن نظرنا إلى الحال ، لم يجزئه في الصورة الاُولى ، وأجزأ في
__________________
(١) المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ١٥٢ ، المغني ٣ : ١٨٥ ، فتح العزيز ٧ : ٤١ ، المجموع ٧ : ١١٦ .
(٢) فتح العزيز ٧ : ٤١ ، المجموع ٧ : ١١٦ ، المغني ٣ : ١٨٥ .
(٣) فتح العزيز ٧ : ٤١ ، المجموع ٧ : ١١٦ ، وانظر : الكافي في فقه أهل المدينة : ١٣٣ .
(٤) فتح العزيز ٧ : ٤٢ ، المهذب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٠٦ ، المجموع ٧ : ١١٦ ، حلية العلماء ٣ : ٢٤٦ .