أحد الوجهين .
وفي الآخر : إنّه غير واجب عليه . وجَعَل الإِسلام شرطاً في الوجوب . وبه قال أبو حنيفة (١) .
لنا : عموم قوله تعالى : ( وَلِلَّهِ علىٰ النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) (٢) والعارض ـ وهو الكفر ـ لا يصلح للمانعية ، كما لا يمنع من الخطاب بالإِسلام .
واحتجاج أبي حنيفة : بأنّ الكافر إمّا أن يجب عليه حال كفره أو بعد إسلامه ، والأول باطل ؛ لأنّه لو وجب عليه ، لصحّ منه ، وإلّا لزم التكليف بالمحال ، والثاني باطل ؛ لقوله عليه السلام : ( الإِسلام يجبّ ما قبله ) (٣) .
وهو غلط ؛ لأنّ الوجوب حالة الكفر يستلزم الصحة العقلية ، أمّا الشرعية فإنّها موقوفة على شرط هو قادر عليه وهو : الإِسلام ، فكان كالمحدث المخاطب بالصلاة .
إذا عرفت هذا ، فلو أحرم وهو كافر ، لم يصح إحرامه ، فإذا أسلم قبل فوات الوقوف بالمشعر ، وجب عليه الرجوع إلى الميقات وإنشاء الإِحرام منه ، وإن لم يتمكّن ، أحرم من موضعه ، ولو أسلم بعد فوات الوقوف بالمشعر ، وجب عليه في المُقبل .
مسألة ٦٤ : المرتدّ إذا كان قد حجّ حالة إسلامه ثم حصل الارتداد بعد قضاء مناسكه ، لم يعد الحجّ بعد التوبة ـ وبه قال الشافعي (٤) ـ لما رواه العامّة من قوله صلّى الله عليه وآله ، لمّا سُئل أحجّتنا هذه لعامنا أم للأبد ؟ فقال : ( للأبد ) (٥) .
__________________
(١) شرح البدخشي ١ : ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ، المجموع ٣ : ٤ و ٧ : ١٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٢٠ .
(٢) آل عمران : ٩٧ .
(٣) أورده الماوردي في الحاوي الكبير ١٤ : ٣١٣ ، وفي مسند أحمد ٤ : ١٩٩ و ٢٠٤ و ٢٠٥ ، ودلائل النبوة ـ للبيهقي ـ ٤ : ٣٥١ ، والطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٧ : ٤٩٧ بتفاوت .
(٤) فتح العزيز ٧ : ٥ ، المجموع ٧ : ٩ .
(٥) أورده الماوردي في الحاوي الكبير ٤ : ٦ .