٢ ـ إنّ الحائر في عرف ذلك العصر ؛ هو السور الذي كان يحيط بالقبر المطهر حريماً له ، وصوناً للمشهد من الطوارئ ، ولربما يكون بمثابة مأوى وملجأ للمنقطعين من الزائرين يأوون في داخله ، كما جرت عليه العادة فيما بعد في هندسة العتبات المقدسة ، بتزويد أسوارها الخارجية بحجرات في أطرافها من الداخل لمثل هذه الغاية.
٣ ـ لعلّ بإطلاق مثل هذا الإسم على هذا النوع من البناء في ذلك العصر ، أرادوا التكتم والتستر به كي لا يثيروا الشبهة حوله ، فتتحرك ضغينة الأمويين على الزائرين والإنتقام منهم ؛ ولذا توجد مسالح على حدود كربلاء في العهد الأموي ، لمنع الزائرين من الوصول إليها ومعاقبتهم حتى القتل ، وكان الزائرون يتخذون الغاضرية أو نينوى ملجئاً ومحطاً لرحالهم ، وذلك إتباعاً لتعليمات الإمام الصادق عليه السلام ـ كما في رواية أبي حمزة الثمالي ـ : (إذا أردت الوداع بعد فراغ من الزيارات ، فأكثر منها ما استطعت ، وليكن مقامك بنينوى أو الغاضرية ، ومتى أردت الزيارة فاغتسل وزر زورة الوداع) (١٣٩).
وبعد هذا البحث والتوضيح نخرج بالنتيجة التالية :
أولاً ـ المستفاد من المرويات أو الأنبياء حاروا لما مروا بهذه الأرض ، بل أن جميع المخلوقات وخصوصاً البشر حاروا في أمر هذه الأرض باعتبار ما حلّ فيها من المصيبة على الحسين وأهل بيته عليهم السلام ، وهذا ما نقرأه واضحاً من كتابات البشر بمختلف لغاتهم ودياناتهم.
ثانياً ـ إنها حضيرة وحمى لكل من أراد التوسل وقضاء الحاجات. فهو مصباح دجى وسفينة نجاة الحائرين.
__________________
(١٣٩) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٤٣٧ (باب ٨٤ ـ الحديث ٢).