وزجر ، ثم قال لي : ما أسمك؟ فقلت حليمة فضحك وقال : بَخّ بخّ ، خلتان حَسَنَتان : سعد وحلم ، هاتان خلّتان فيها غنى الدهر ...) (٤٧).
أما الذين يحملون أسماء مستهجنة ، أو ينتمون إلى قبيلة ذات إسم قبيح ، فيحسون بالحقارة وضعف الشخصية وعدم الكفاءة وفقدان الإرادة ، وما أكثر الرجال من العلماء والمثقفين ، الذين كانت لهم الكفاءة لتسنّم مناصب عالية ، والحصول على مكانة شامخة في المجتمع ، لكنهم فقدوا جميع قيمهم الإجتماعية ، على أثر لقب قبيح أو شهرة سيئة ، ومن الشواهد على ذلك : «فقد كان إسحاق ابن إبراهيم ـ المعروف بابن النديم ـ من العلماء الذين قَلّ نظراؤهم في عصره ، وكان قد أجهد نفسه في علوم كثيرة : كالكلام والفقه والنحو والتاريخ واللغة والشعر ، وبرع في جميع ذلك براعة تامة ، وكان عملاقاً عظيماً في المناظرات العلمية ، وكثيراً ما كان يتغلب على فضلاء عصره ، وله في مختلف العلوم ما يقرب من أربعين مجلداً ، وآثاره المهمة باقية حتى اليوم. كان ابن النديم ذات صوت جميل ، ورغبة شديدة في الغناء ، وكثيراً ما يشترك في مجالس طرب الخلفاء ورجال الدولة ، ويؤنس الحاضرين بغنائه المطرب ، ويجذب قلوبهم نحوه ... ولإستمراره في هذا العمل ؛ ضؤلت قيمة ثقافته العلمية شيئاً فشيئاً بالنسبة إلى عنائه ، حتى عرف في المجتمع بهذه الصفة ، ولَقّبه الناس بـ(المغني والمطرب) ، لقد أوردت هذه الشهرة ضربة قاصمة على شخصيته ، ولم يتمكن فيما بعد أن يعدّ نفسه في المجتمع كرجل عالم مطلع ، وأن يظهر كفاءته العلمية ... وبالرغم من قربه لدى الخلفاء والشخصيات ، فإنهم لم
__________________
(٤٧) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ١٥ / ٣٨٨.