أولاً ـ إنّ مجاورة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار عليهم السلام تترتب عليها فوائد كثيرة
أهمها ما يلي :
قال السبكي : «الرحمات والبركات النازلة بذلك المحل يعم فَيْضُها الأمة ، وهي غير متناهية ؛ لدوام ترقياته عليه الصلاة والسلام ، وما تناله الأمة بسبب نبيها هو الغاية في الفضل ، ولذا كانت خير أمةٍ بسبب كون نبيها هو خير الأنبياء ، فكيف لا يكون القبر الشريف أفضل البقاع ، مع كونه منبع فيض الخيرات؟ ـ إلى أن قال ـ : فزيارته والمجاورة عنده من أفضل القربات ، عنده تجاب الدعوات ، وتحصل الطلبات ، فقد جعله الله تعالى سبباً في ذلك أيضاً ، فهو روضة من رياض الجنة ، بل أفضل رياضها ، وقد قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) : (لَقَابُ قَوْس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها) ، بل لو تعلق بما قررناه من ون القبر الشريف منبع جميع الخيرات ـ وهو بالمدينة ـ ؛ فتكون هي أفضل لكان له وجه» (٥٢٢).
وقال السمهودي ـ في سرد خصائصها ـ : «كثرة المساجد والمشاهد والآثار بها ، بل البركة عامة منبثة بها ، ولهذا قيل لمالك : أيما أحب إليك المقام ـ هنا ـ ؛ يعني المدينة أو بمكة؟ فقال ههنا ، وكيف لا أختار المدينة وما بها طريق إلا سلك عليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ، وجبريل (عليه السلام) ينزل من عند رب العالمين في أقل من ساعة؟» (٥٢٣).
وبعد هذا ، يمكن القول : إنّ الهدف الذي ذكره بعض علماء العامة ، في فضل سكنى ومجاورة المدينة المنورة ، من كونها منبع فيض الخيرات ، ومحل
__________________
(٥٢٢) ـ السمهودي ، نور الدين علي بن أحمد : وفاء الوفاء ، ج ١ / ٣١.
(٥٢٣) ـ نفس المصدر / ٨٢.