قال الله جَلّ جلاله : (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (٢٥٥). فهل بقي شك؟ حيث أخبر الله أنّه من حيث استشهد حيّ عند ربّه مرزوق مصون ، فلا ينبغي أن يشك في هذا العارفون ، وأما كيفيّة إحيائه بعد شهادته وكيفيّة جمع رأسه الشريف إلى جسده بعد مفارقته ، فهذا سؤال يكون فيه سوء أدب من العبد على الله جل جلاله أن يُعرّفه كيفيّة تدبير مقدوراته ، وهو جهل من العبد وإقدام على ما لم يكلّف العلم به ، ولا السؤال عن صفاته» (٢٥٦).
٣ ـ المشهور بين علماء الإمامية أنّه أعيد إلى كربلاء ودفن مع الجسد الطاهر. وكذلك أشتهر عند علماء العامة ، قال السبط بن الجوزي : «أشهرها أنه رده إلى ال مدينة مع السبايا ، ثم رد إلى الجسد بكربلاء فدفن معه» (٢٥٧). وقد ذكر هذه الأقوال السيد عبد الرزاق المقرّم ، وعَقّب عليها بقوله : «وعلى هذا ، فلا يعبأ بكل ما ورد بخلافه ، والحديث بأنّه عند قبر أبيه بمرأى من هؤلاء الأعلام ، فإعراضهم عنه يدلنا على عدم وثوقهم به ؛ لأنّ إسناده لم يتم ورجاله غير معروفين» (٢٥٨).
أقول : بعد إيضاح ما تقدم ؛ تبيّن لنا أنّ كربلاء يطلق عليها ظهر الكوفة ، كما يطلق على النجف الأشرف ، إلا أنّ إطلاق هذا الإسم على قبر أمير المؤمنين أكثر.
__________________
(٢٥٥) ـ آل عمران / ١٦٩.
(٢٥٦) ـ ابن طاووس ، السيد رضي الدين : إقبال الأعمال / ٦٥.
(٢٥٧) ـ سبط ابن الجوزي ، يوسف بن فرغلي : تذكرة الخواص / ١٥٠.
(٢٥٨) ـ المقرّم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٣٦٣.