ولكن يا ترى هل تنازل أبو طالب أمام قريش في شيء مما طلبوا منه في ابن أخيه ، من طرده وترك نصرته و...؟!
وأما العباس بن عبد المطلب ، فإنّه سبق إلى الاسلام وآمن بابن أخيه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكن بأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كتم إيمانه أيضا ، فقد ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب أنّ العباس أراد أن يهاجر مع رسول الله (ص) إلى المدينة ، ولكن النبي (ص) أمره بالبقاء فيها وقال «بقاؤك في مكّة خير لي». فكان العباس يكتب إلى النبي (ص) أخبار مكة ويرسلها إليه ، حتى أخرجه المشركون كرها إلى بدر فكان من الأسرى ففدّى نفسه وأطلق ، ولما اقتضت الأمور وارتفعت الموانع ، أعلن إسلامه وأظهر إيمانه يوم فتح خيبر.
وقال الشيخ القندوزي في ينابيع المودّة / الباب السادس والخمسون / تحت عنوان ذكر إسلام العباس رضياللهعنه ـ وفي الباب عناوين كثيرة ـ : قال أهل العلم بالتاريخ : إنّ العباس أسلم قديما وكتم إسلامه ، وخرج مع المشركين يوم بدر فقال النبي (ص) «من لقي العباس فلا يقتله فإنه خرج مكرها». وهو يكتب أخبار المشركين من أهل مكة إلى النبي (ص) وكان المسلمون يؤمنون به وكان يحب الهجرة إلى المدينة ، لكن النبي (ص) كتب إليه «إنّ مقامك بمكة خير لك». ولمّا بشّر أبو رافع ـ رقّ النبي (ص) ـ بإسلام العباس ، أعتقه النبي (ص).
فيا ترى لو كان العباس يموت قبل إعلانه وإظهار إيمانه ، ما كان يتّهم بالشرك؟
فأبو طالب كذلك آمن بالنبي الأمين صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكن الحكمة وحسن التدبير اقتضت أن لا يظهر ايمانه ، ليتمكّن من حماية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم