والحافظ أبو نعيم روى ذلك عن ثلاث طرق ، والطبري وابن المغازلي وابن أبي الحديد ومحمد بن يوسف الكنجي الشافعي في الباب ٦٢ من كتاب كفاية الطالب وغير هؤلاء جمع كبير كلهم ذهبوا إلى أنّ الشاهد في الآية الكريمة هو الإمام علي عليهالسلام وقد قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «علي منّي وأنا من علي». وقال الله سبحانه : (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) ومع هذا كلّه ، لا أدري بأيّ وجه شرعيّ ردّوا شهادة عليّ في حق فاطمة عليهاالسلام؟
ردّوه بحجّة : أنّه يجرّ النفع إلى نفسه!! وهو الذي طلّق الدنيا ثلاثا ، وكان أزهد الناس فيها ، يشهد له ذلك الصديق والعدو.
ولكن الذين حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها وحرصوا على الرئاسة والملك ، افتروا عليه واتّهموه ، وقالوا فيه ما لا يليق إلاّ بهم.
فتارة قالوا : إنّه ثعالة شهيده ذنبه!!
وتارة قالوا : إنّه يجر النفع إلى نفسه!
ولكنه كظم غيظه وصبر على مضض ، حتى قال عليهالسلام في الخطبة الشقشقيّة المروية في نهج البلاغة : وهي الخطبة رقم ٣ «فطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذّاء أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربّه!! فرأيت أنّ الصبر على هذا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجى ، أرى تراثي نهبا ..». الخ.
ويقول في الخطبة رقم ٥ من نهج البلاغة : «.. والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه!!». من هذا الكلام والبيان نعرف مدى ضجره وانزعاجه من الوضع المؤسف. ولمّا ضربه ابن ملجم الرمادي ـ لعنه الله ـ بصارمه المسموم وهو في محراب العبادة وفي حال الصلاة نادى «فزت وربّ الكعبة!».