والمجتهد الذي يجوز للمسلمين أن يتّبعوه ويأخذوا برأيه ، إنما هو المجتهد الذي يكون مطيعا لله عزّ وجلّ عاملا بكتاب الله سبحانه وآخذا بما جاء به النبي الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويكون صائنا لنفسه مخالفا لهواه ومجانبا للدنيا وزينتها ، فقيها ورعا وعالما تقيّا ، عارفا بأحكام الدين ومصالح المسلمين.
ليت شعري ، بأيّ دليل اجتهادي ردّ أبو بكر شهادة عليّ عليهالسلام وهو الذي جعله الله شاهدا على ما جاء به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وكفى به شاهدا.
إذ قال سبحانه : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) (١) فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على بيّنة من ربه والشاهد الإمام علي عليهالسلام.
الحافظ : ولكن الروايات تقول : إنّ رسول الله هو صاحب البيّنة وشاهده القرآن الكريم. فلا أدري بأيّ دليل قلتم : بأنّ الشاهد علي كرم الله وجهه؟
قلت : أعوذ بالله تعالى من أن أفسّر القرآن برأيي ، وإنما نقلت لكم قول أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، وهو أيضا رأي كثير من أعلامكم ومفسريكم ، وهم قد نقلوا في ذلك ما يقارب من ثلاثين حديثا ، منهم : أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره روى ثلاثة أحاديث في ذلك ، والسيوطي في الدر المنثور ، عن ابن مردويه وابن أبي حاتم وأبي نعيم الحافظ ، وشيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين روى ذلك بثلاثة أسانيد ، والحافظ سليمان القندوزي روى ونقل في الباب ٢٦ عن الثعلبي والحمويني والخطيب الخوارزمي وأبي نعيم والواقدي وابن المغازلي عن ابن عباس وجابر بن عبد الله وغيرهما.
__________________
(١) سورة هود ، الآية ١٧.