فنزول هذه الآيات التي ذكرناها في الغدير وتلك التشريفات الأرضية والسماوية ، كلها قرائن دالة عند العقلاء والعلماء بأنّ الأمر الذي بلّغه خاتم الأنبياء هو أهم من أمر النصرة والمحبّة ، بل هو أمر يساوي في الأهمية أمر الرسالة بحيث إذا لم يبلّغه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأمته في تلك الساعة فكأنّه لم يبلّغ شيئا من رسالة الله عزّ وجلّ. فهذا الأمر ليس إلاّ الإمامة على الأمة بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتعيين رسول الله خليفته المؤيّد من عند الله والمنصوب بأمر من السماء ، وتعريفه للناس ، لكي لا تبقى الأمة بلا راعي بعده ولا تذهب أتعابه أدراج الرياح.
ولقد وافقنا بعض أعلام أهل السنة والجماعة في معنى كلمة المولى وأنّ المقصود منها ـ يوم الغدير ـ الأولى.
منهم سبط ابن الجوزي في كتابه تذكرة خواص الأمة / الباب الثاني / ص ٢٠ فذكر لكلمة المولى عشر معاني وبعدها قال : لا يطابق أي واحد من هذه المعاني كلام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والمراد من الحديث الطاعة المحضة المخصوصة فتعيّن الوجه العاشر وهو الأولى ومعناه : من كنت أولى به من نفسه فعليّ أولى به ... ودلّ عليه أيضا قوله عليهالسلام : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟
وهذا نص صريح في إثبات إمامته وقبول طاعته. انتهى كلامه ويوافقنا في هذا المعنى أيضا .. الحافظ أبو الفرج الأصفهاني يحيى بن سعيد الثقفي في كتابه مرج البحرين ، حيث يروي بإسناده عن مشايخه : أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أخذ بكفّ علي عليهالسلام وقال : من كنت وليّه وأولى به من نفسه فعلي وليّه.