ذلك الحدّ بأن يأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الرّكب والقافلة وهم مائة ألف أو أقل أو أزيد ، فينزلوا في ذلك المكان القاحل وفي ذلك الحر الشديد ، ثم يأمر برجوع من سبق ولحوق من تأخّر وينتظر حتى يجتمع كلّ من كان معه وتحت حرارة الشمس حتى أنّ كثيرا من الناس مدّ رداءه على الأرض تحت قدميه ليتّقي حرّ الرّمضاء وجلس في ظلّ ناقته ليتّقي أشعة الشمس ، ثم يصعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المنبر الذي صنعوه له من أحداج الإبل ويخطب فيهم ويبيّن فضائل ومناقب ابن عمه علي بن أبي طالب كما ذكرها الخوارزمي وابن مردويه في المناقب والطبري في كتاب الولاية وغيرهم ، ثم يبقى صلىاللهعليهوآلهوسلم ثلاثة أيام في المكان الذي ما كان معهودا بنزول القوافل وما كان قبل ذلك اليوم منزلا للمسافر ، ويتحمل هو والمسلمون الذين معه مشاقّا كثيرة ، حتى بايع كلّهم عليا عليهالسلام بأمر رسول الله .. فهل كان من المعقول أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يريد من كل ذلك ليبيّن للناس أن يحبّوا عليا ويكونوا ناصريه!!
مع العلم أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل ذلك كان بيّن للمسلمين مرارا وتكرارا أنّ حبّ علي من الإيمان وبغضه نفاق ، وكان يأمرهم بنصرته وملازمته ، فأي حاجة إلى تحمّل تلك المشاق ليبيّن ما كان مبينا ويوضّح ما كان واضحا للمسلمين!! فإذا في تلك الظروف الصعبة التي كانت في قضية الغدير لم نقل بتبليغ الولاية والخلافة من بعده ونقول بما يقوله الحافظ وبعض العلماء من أهل السنّة والجماعة ، لكان عمل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع تلك الظروف سفها ولغوا ـ والعياذ بالله من هذا القول ـ بل النبي منزّه من اللغو والسفاهة وأعماله كلها تكون على أساس العقل والحكمة.