والقردة ، وقاتل النفوس المحرّمة المحترمة البريئة ، فإذا لا يلق للخلافة والإمامة.
فكان عليهالسلام يبعث الوعي في النفوس وفي المجتمع بهذا الإعلام الصريح وأخيرا أعلن أنّه خارج إلى العراق ، وهو لا يخضع لحكم يزيد حتى إذا آل الأمر إلى قتله وقتل أهل بيته وأنصاره ـ فخطب تلك الخطبة التي ذكرناها لكم قبل دقائق ـ وأعلن في الناس أنّه مقتول مسلوب ، وأنّ عياله وأطفاله يسبون بعده ويؤخذون أسارى إلى الشام!
بهذا الإعلان ، غدا المسلمون يترصّدون أخباره ، والأمّة كانت لابثة في سبات ونوم عميق ، لا يستيقظ منه إلاّ بحركة عنيفة واعية ، ونهضة مقدّسة دامية تهزها ، وهذه الحركة والنهضة ما كانت تتحقّق إلاّ بواسطة آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيت الوحي ، وكان الإمام الحسين عليهالسلام ذلك اليوم زعيم أهل البيت والإمام المسئول من عند الله سبحانه وتعالى لحفظ دينه وكتابه ، وقد أدّى ما عليه على أكمل وجه ، وسار بخطوات حكيمة نحو الهدف المقدّس ، وانتصر على يزيد وبني أميّة بشهادته وسفك دمه.
فإن النصر تارة يتحقّق بقتل العدوّ وهزيمته ، وتارة يتحقّق بأن يكون المنتصر يكون مظلوما قتيلا شهيدا ؛ فالحسين عليهالسلام ما كان طالبا للحكم والرئاسة في نهضته ، حتى يكون خاسرا بعدم وصوله إليها ، وإنّما كان يريد يقظة الأمّة وتحرّكها ضد الظالمين ، وكان يريد أن يفضح بني أميّة ويكشف فساد واقعهم للمسلمين ، وقد تحقّق كلّ ما أراده ، فهو قد انتصر في كربلاء وعدوه خسر وانكسر (١).
__________________
(١) وأذكر لكم بعض أبيات من قصيدة رائعة بالمناسبة لعبد الحسين الأزري :