وحتّى عمر بن الخطّاب لم يكن موقنا بنجاح المؤامرة ، وأنّ الخليفة الذي سينصبه هو (١) ويبادر إلى بيعته ، سيصبح حاكما متمكّنا ،
__________________
عامّة المهاجرين وجلّ الأنصار لا يشكّون أنّ عليا هو صاحب الأمر بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .
ونقل ابن أبي الحديد في شرحه ٦ / ١٩ عن الزبير بن بكّار ، جواب زيد بن أرقم ، في ردّ عبد الرحمن بن عوف في أوّل يوم من بيعة أبي بكر ، إذ قال : يا معشر الأنصار ليس فيكم مثل أبي بكر ولا عمر ولا عليّ ولا أبي عبيدة! فقال زيد كلاما طويلا ، آخره : وإنّا لنعلم أنّ ممّن سمّيت من قريش ، من لو طلب هذا الأمر لم ينازعه فيه أحد ؛ علي بن أبي طالب.
ويقول الأستاذ عبد الفتّاح عبد المقصود في كتابه «السقيفة والخلافة» صفحة ١٦٠ : فالراجح الذي يقارب اليقين أنّ أغلب المهاجرين ، ثمّ أكثر الكثيرين من رفاق محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم على طريق الإيمان منذ بدء الدعوة الهادية ، كانوا بعيدين عن مجال هذا الصراع السياسي بين فريقي المتنازعين يومئذ على السلطان ، بعضهم نفورا منه وبعضهم غفلة عنه ، وعامّتهم اطمئنانا يقينيّا إلى أنّ خلافة صاحب الرسالة باقية في بيته لا محالة ، إذ كانوا لا يشكّون لحظة واحدة في أنّ الولاية على المسلمين مفضية حتما من بعد محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى عليّ بن أبي طالب ، بحقّ قدره وفضله ، وليس فقط بحقّ صهره وقرباه ، فهو من علم الناس موئل علمه ، ولجأ أمره ، وموضع سرّه ، ونجي قلبه ولصيق لبّه ، وأولاهم كافّة ـ أمّة وآلا ـ بإمرة المؤمنين بلا مجادلة ولا نزاع.
«المترجم»
(١) قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١ / ١٧٤ ط دار إحياء التراث :
وعمر هو الذي شدّ بيعة أبي بكر ووقم ـ أذلّ ـ المخالفين فيها ، فكسر سيف الزبير لمّا جرّده ودفع في صدر المقداد ، ووطئ في السقيفة سعد بن عبادة وقال : اقتلوا سعدا ، قتل الله سعدا ، وحطّم أنف الحبّاب بن المنذر ، الذي قال يوم السقيفة : أنا جذيلها المحكّك ، وعذيقها المرجّب.