الطيّبات المتوفّرة في الجنّة ونهاه عن أكل الحنطة فحسب ، ولكنّه عصى ربّه وأكل منها!
وأنا لم يمنعني ربّي من الطيّبات ، وما نهاني عن أكل الحنطة ، فأعرضت عنها رغبة وطوعا].
[كلامه عليهالسلام كناية عن أنّ فضل الإنسان وكرامته عند الله عزّ وجلّ بالزهد في الدنيا وبالورع والتقوى ، وأعلى مراتبه أن يجتنب الماندات ويعرض عن الشهوات والطيّبات المباحة ـ من باب رياضة النفس ـ حتّى يتمكّن منها ، ويمسك زمامها ، فيسوقها في طريق الورع والتقوى (١)].
فقال صعصعة : أنت أفضل أم نوح؟
فقال عليهالسلام : أنا أفضل من نوح ؛ لأنّه تحمّل ما تحمّل من قومه ، ولما رأى منهم العناد دعا عليهم وما صبر على أذاهم ، فقال : (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) (٢).
ولكنّي بعد حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تحمّلت أذى قومي وعنادهم ، فظلموني كثيرا فصبرت وما دعوت عليهم (٣).
__________________
(١) قال عليهالسلام في كتابه لعثمان بن حنيف واليه على البصرة : [.... وإنّما هي نفسي أروّضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر ، وتثبت على جوانب المزلق.
ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفّى هذا العسل ، ولباب هذا القمح ، ونسائج هذا القزّ ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة ...] إلى آخر مقاله القيم الثمين.
(٢) سورة نوح ، الآية ٢٦.
(٣) في الخطبة المعروفة بالشقشقية والمذكورة في «نهج البلاغة» يصف سلام الله عليه جانبا من الوضع الذي قاساه فصبر ، قال : ...