[كلامه عليهالسلام كناية عن أنّ أقرب الخلق إلى الله سبحانه أصبرهم على بلائه وأكثرهم تحمّلا من جهال زمانه سوء تصرفهم ، وهو يقابلهم بالحكمة والموعظة الحسنة وبحسن سلوكه وأخلاقه ، قربة إلى الله تعالى].
فقال صعصعة : أنت أفضل أم إبراهيم؟
فقال عليهالسلام : أنا أفضل ؛ لأنّ إبراهيم قال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) (١).
ولكنّي قلت وأقول : لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا (٢).
__________________
[وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه ، فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا ... إلى آخر خطبته البليغة]. «المترجم»
(١) سورة البقرة ، الآية ٢٦٠.
(٢) جاء في كتاب «مطالب السئول» لمحمد بن طلحة القرشي الشافعي ١ / ٨٩ ط دار الكتب ، قال : [وقد كان عليّ عليهالسلام منطويا على يقين لا غاية لمداه ، ولا نهاية لمنتهاه ، وقد صرّح بذلك تصريحا مبينا ، فقال عليهالسلام : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ...] إلى آخره.
أقول : اعلم يرحمك الله سبحانه ، أنّ اليقين على مراتب : علم اليقين ، وحقّ اليقين ، وعين اليقين.
فلو شاهد إنسان دخانا ولم يشاهد النار ، علم يقينا بوجود النار ، فلو شاهد النار بعينه حصل له حقّ اليقين ، وليس هذا كالذي يمسّ النار بيده فيحس بحرارتها ، فهو في عين اليقين. وكان عليّ عليهالسلام في هذه المرتبة من اليقين بالغيب ، قال تعالى : (الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ). سورة البقرة ، الآية ١ ـ ٣. «المترجم»