فلما رأى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لجاجهم وعنادهم ، دعاهم إلى المباهلة حتّى يحكم الله بينهم ويفضح المعاند الكاذب ، فقبلوا .. ولما جاءوا إلى الميعاد ، وهو مكان في سفح جبل ، وكان النصارى أكثر من سبعين ، من علمائهم وساداتهم وكبرائهم ، فنظروا وإذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أقبل مع رجل وامرأة وطفلين ، فسألوا عنهم بعض الحاضرين ، فلمّا عرفوا أنّ الرجل الذي مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم صهره وابن عمّه علي بن أبي طالب ، وهو وزيره ، وأحبّ أهله إليه ، والمرأة ابنته فاطمة الزهراء ، والطفلين هما سبطاه الحسن والحسين.
قال لهم أكبر علمائهم : انظروا إلى محمّد! لقد جاء بصفوة أهله وأعزّهم عليه ليباهلنا بهم ، وهذا إنّما يدلّ على يقينه واطمئنانه بحقّانيّته ورسالته السماوية ، فليس من صالحنا أن نباهله ، بل نصالحه بما يريد من الأموال ، ولو لا خوفنا من قومنا ومن قيصر الروم ، لآمنّا بمحمّد وبدينه.
فوافقه قومه وقالوا : أنت سيّدنا المطاع.
فبعثوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّهم لا يباهلونه ، بل يريدون المصالحة معه ، فرضي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمصالحة وأمر عليّا عليهالسلام فكتب كتاب الصلح بإملاء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم .
فصالحهم صلىاللهعليهوآلهوسلم على ألفي حلّة فاخرة ، ثمن الواحدة أربعون درهما ، وألف مثقال ذهب ، وذكر بنودا اخرى.
فوقّع الطرفان على كتاب الصلح.
ولما اعترض النصارى على الأسقف الأعظم ومصالحته مع نبيّ الإسلام ، أجابهم قائلا : والله ما باهل نبيّ أهل ملّة إلاّ نزل عليهم