وجاء هذا المعنى في كلمات بعض الأولياء ، وفي أشعار بعض الفصحاء والبلغاء.
__________________
قال في تشابه أخلاق الإمام عليّ عليهالسلام بأخلاق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : [انظروا إلى أخلاقهما وخصائصهما ، هذا شجاع وهذا شجاع ، هذا فصيح وهذا فصيح ، هذا سخي جواد وهذا سخي جواد ، هذا عالم بالشرائع والأمور الإلهية وهذا عالم بالفقه والشريعة والأمور الإلهية الدقيقة الغامضة ، هذا زاهد في الدنيا غير نهم ولا مستكثر منها ، وهذا زاهد في الدنيا تارك لها غير متمتّع بلذّاتها ، هذا مذيب نفسه في الصلاة والعبادة ، وهذا مثله ، وهذا غير محبّب إليه شيء من الأمور العاجلة إلاّ النساء وهذا مثله ، وهذا ابن عبد المطّلب بن هاشم وهذا في قعدده (١) وأبواهما أخوان لأمّ ولأب واحد دون غيرهما من بني عبد المطلّب.
وربّي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم في حجر والد هذا ، وهذا أبو طالب فكان جاريا عنده مجرى أحد أولاده ، ثمّ لمّا شبّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وكبر استخلصه من بني أبي طالب وهو غلام ، فربّاه في حجره مكافأة لصنيع أبي طالب به ، فامتزج الخلقان وتماثلت السجيّتان.
وإذا كان القرين مقتديا بالقرين ، فما ظنّك بالتربية والتثقيف الدائم؟!
فواجب أن تكون أخلاق محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم كأخلاق أبي طالب ، وتكون أخلاق عليّ عليهالسلام كأخلاق أبي طالب أبيه ومحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم مربّيه ، وأن يكون الكلّ شيمة واحدة وسوسا (٢) واحدا وطينة مشتركة ، ونفسا غير منقسمة ولا متجزّئة ، وألاّ يكون بين بعض هؤلاء وبعض فرق ولا فضل ، لو لا أنّ الله تعالى اختصّ محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم برسالته واصطفاه لوحيه ، لما يعلمه من مصالح البريّة في ذلك ، ومن أنّ اللطف به أكمل ، والنفع بمكانه أتمّ وأعمّ ، فامتاز رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك عمّن سواه وبقي ما عدا الرسالة على أمر الاتحاد ، وإلى هذا المعنى أشار صلىاللهعليهوآلهوسلم بقوله : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي» فأبان نفسه منه بالنبوّة ، وأثبت له ما عداها من جميع الفضائل والخصائص مشتركا بينهما.] «المترجم».
__________________
(١) القعدد : القريب الآباء من الجدّ الأعلى.
(٢) سوسا واحدا : أصلا واحدا.