وحام في ذلك المكان الموحش.
وذكر إساءة عثمان وإيذاءه لأبي ذرّ ، صحابي رسول الله كثير من أعلامكم ، منهم : ابن سعد في طبقاته ٤ / ١٦٨ ، والبخاري في صحيحه في كتاب الزكاة ، وابن أبي الحديد في شرح النهج ٣ / ٥٤ ـ ٥٨ ، واليعقوبي في تاريخه ٢ / ١٤٨ ، والمسعودي في مروج الذهب ١ / ٤٣٨ ، وغيرهم من المؤرّخين فقد ذكروا تفصيل معاملة عثمان السيّئة ، وكذلك عمّاله المجرمين وإساءتهم لأبي ذرّ الطيّب الصادق ، صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .
حتّى إنّ عثمان أهان الإمام عليّا عليهالسلام لأنّه شايع أبا ذرّ حين تبعيده إلى الربذة ، فخرج لتوديعه مع الحسنين عليهما السّلام ، وذكروا كذلك أنّ عثمان ضرب عبد الله بن مسعود أربعين سوطا لأنّه تولّى دفن أبي ذرّ عليه الرحمة (١).
__________________
(١) قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ٣ / ٤٤ ط بيروت دار إحياء التراث العربي :
وقد روى محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي ، أنّ عثمان ضرب ابن مسعود أربعين سوطا في دفنه أبا ذرّ! وهذه قصّة أخرى ؛ وذلك أنّ أبا ذرّ رحمهالله تعالى ، لمّا حضرته الوفاة بالرّبذة ، وليس معه إلاّ امرأته وغلامه ، عهد إليهما أن غسّلاني ثمّ كفّناني ، ثمّ ضعاني على قارعة الطريق ، فأوّل ركب يمرّون بكم قولوا لهم : هذا أبو ذرّ صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأعينونا على دفنه ؛ فلمّا مات فعلوا ذلك.
وأقبل ابن مسعود في ركب من العراق معتمرين ، فلم يرعهم إلاّ الجنازة على قارعة الطريق ، قد كادت الإبل تطؤها ، فقام إليهم العبد فقال : هذا أبو ذرّ صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأعينونا على دفنه.
فانهلّ ابن مسعود باكيا ، وقال : صدق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال له «تمشي وحدك ، وتموت وحدك ، وتبعث وحدك».
ثمّ نزل هو وأصحابه ، فواروه. «المترجم»