والبغضاء؟! وهذا ما يتربّصه بنا أعداء الإسلام ويريده لنا الشيطان ، شياطين الإنس والجنّ ، قال تعالى في ذلك : (... شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ ... وَلِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ ...) (١).
وقال تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ...) (٢) فتارة يوقع الشيطان العداوة والبغضاء بين المسلمين بواسطة الخمر والميسر ، وتارة بواسطة التسويلات والأوهام التي يلقيها في قلوبهم عبر التهم والأباطيل التي ينشرها شياطين الإنس في أوساطهم.
ثانيا : سألت : من أين جاء هذا الاختلاف؟
فإنّي أقول لك وقلبي يذوب حسرة وأسفاً : لقد جاء هذا وغيره من الاختلافات الفرعية على أثر اختلاف جذري وخلاف أصولي ، ليس هذا الوقت مناسبا لذكره ، ولعلّنا نصل إليه في مباحثنا الآتية فنتعرّض له إذا دار النقاش حوله ، وحين ذاك ينكشف لكم الحقّ وتعرفون الحقيقة إن شاء الله تعالى.
ثالثا : وأمّا بالنسبة إلى مسألة الجمع والتفريق بين الصلاتين ، فإنّ فقهاءكم بالرغم من أنّهم رووا الروايات الصحيحة والصريحة في الرخصة وجواز الجمع لأجل التسهيل ورفع الحرج عن الامّة ، أوّلوها ـ كما عرفت ـ ثمّ أفتوا بعدم جواز الجمع من غير عذر أو سفر ، حتّى أنّ بعضهم ـ مثل أبي حنيفة وأتباعه ـ أفتوا بعدم جواز الجمع مطلقا
__________________
(١) سورة الأنعام ، الآية ١١٢ و ١١٣.
(٢) سورة المائدة ، الآية ٩١.