قلت : أوّلا : أشهد الله سبحانه أنّي لم أقصد إهانة أيّ فرد من الصحابة وغيرهم ، وإنّما الحوار والنقاش يقتضي هذا الكلام.
ثانيا : أنا ما أنسب إليهم الفرار ، ولكنّ التاريخ هكذا يحكم ويقول : إنّ في غزوة أحد ، فرّ الصحابة حتّى كبارهم ، وتركوا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم طعمة لسيوف المشركين والكفّار ، كما يذكر الطبري والمؤرّخون الكبار ، فما ذا تقولون حول الآية الكريمة التي تشمل اولئك الّذين ولّوا الدبر وفرّوا من الجهاد وخالفوا أمر الله عزّ وجلّ إذ يقول :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (١).؟
ثالثا : لقد وافقنا في قولنا بأنّ الآية نزلت في شأن الإمام عليّ عليهالسلام كثير من أعلامكم وكبار علمائكم ، منهم : أبو إسحاق الثعلبي ـ الذي تحسبوه إمام أصحاب الحديث في تفسير القرآن ـ قال في تفسير «كشف البيان» في ذيل الآية الكريمة ٥٤ من سورة المائدة : إنما نزلت في شأن الإمام عليّ عليهالسلام ، لأنّ الذي يجمع كلّ المواصفات المذكورة في الآية لم يكن أحد غيره.
ولم يذكر أحد من المؤرّخين من المسلمين وغيرهم ، بأنّ الإمام عليّا عليهالسلام فرّ من الميدان ، حتّى ولو مرّة ، أو أنّه تقاعد وتقاعس في حروب النبيّ وغزواته مع الكفّار ، ولو في غزوة واحدة.
بل ذكر المؤرّخون أنّه في معركة احد حينما انهزم المسلمون ، حتّى كبار الصحابة ، ثبت الامام عليّ عليهالسلام واستقام واستمرّ في الجهاد
__________________
(١) سورة الأنفال ، الآيات ١٥ و ١٦.