الماضية ـ يقول في آخره : ولو كان بعدي نبيّا لكان عليّ نبيّا ، ولكن لا نبوّة بعدي.
فثبت بحديث المنزلة ، أنّ موسى بن عمران عليهالسلام كما خلّف أخاه هارون عليهالسلام مكانه حينما ذهب لميقات ربّه سبحانه ، وفوّض أمر النبوّة إليه ، لأنّه كان أفضل أمّته وأحفظهم للدين ، فجعله يقوم مقامه ، كي لا يضيع شرعه ولا تذهب أتعابه سدى كذلك خاتم النبيّين صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وشريعته المقدّسة أفضل الشرائع السماوية ، ودينه المبين أكمل الأديان الإلهيّة.
فمن الأولى أن لا يترك أمّته من غير خليفة ، ولا بدّ له أن يعيّن من يقوم مقامه في أمر النبوّة ، كي لا تختلف أمّته في أحكام الدين ، ولا يضيع شرعه المقدّس بين الجاهلين والمغرضين ، فيتحكمون فيه ويفتون بالرأي والقياس ، وما استحسنته عقولهم المتحجّرة ، فيذهبون إلى الدروشة والتصوّف ... وما إلى ذلك.
حتّى انقسمت الامّة الإسلامية الواحدة التي قال تعالى في وصفها : (إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (١) فتفرّقت إلى ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة ناجية والباقون في النار ، لأنّهم ضالون ومضلّون.
فأعلن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ عليّا منه بمنزلة هارون من موسى ، وبقي على المسلمين أن يفهموا من الحديث الشريف ، بأنّ جميع منازل هارون تكون لعليّ عليهالسلام ، ومنها تفضيله على الآخرين ، وخلافته للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في حياته وبعدها.
__________________
(١) سورة الأنبياء ، الآية ٩٢.