مالك ، أنّه روى أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إنّ الله اصطفاني على الأنبياء فاختارني واختار لي وصيّا ، واخترت ابن عمّي وصيّي ، يشدّ عضدي كما يشدّ عضد موسى بأخيه هارون ، وهو خليفتي ، ووزيري ، ولو كان بعدي نبي لكان عليّ نبيّا ، ولكن لا نبوّة بعدي.
فثبت أنّ الشيعة لا تنفرد بهذا المقال ، بل هناك كثير من علمائكم قالوا به أيضا.
بل قال به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أيضا كما يظهر من الأخبار المرويّة في كتبكم ، وقد مرّت.
فحديث المنزلة يضمن جميع مراتب هارون بالنسبة لموسى لعليّ ابن أبي طالب بالنسبة لمحمّد المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم إلاّ النبوّة بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم التي استثناها فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي».
وأجلى المراتب الثابتة لهارون هي خلافته لقوله تعالى : (وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) (١) ومنها تثبت خلافة عليّ عليهالسلام بعد خاتم النبيّين صلىاللهعليهوآلهوسلم .
الحافظ : لقد ذكرت الآيات القرآنية أنّ هارون شريك موسى في أمر النبوّة ، فكيف جعلوه خليفة له؟! والحال أنّ مرتبة الشريك أعلى من مرتبة الخليفة ، فإذا جعلوا الشريك خليفة فقد أنزلوه من مقامه ، لأنّ مقام النبوّة أعلى من مقام الخلافة.
قلت : لو تدبّرت في حديثنا السابق وفهمته ، ما طرحت هذا الإشكال! فقد بيّنا أنّ نبوّة موسى هي الأصل ونبوّة هارون تابعة لنبوّة أخيه ، كما يقال : إنّ فلانا عضو على البدل ، فكأنّه خليفته.
__________________
(١) سورة طه ، الآيات ٢٥ ـ ٣٤.