عليّ عليهالسلام كان يعمل بالعدل ويحقّ الحق ويبطل الباطل ، فما تحمّله أكثر الناس وخاصّة أبناء الدنيا والطامعين في بيت المال وحقوق الفقراء ، ولا سيما الذين تعوّدوا في خلافة عثمان على نهب بيت المال واستملاك الأموال العامّة والتصرّف فيها واللعب بها ، وهؤلاء كانوا يجدون بغيتهم عند معاوية فمالوا إليه ونصروه ، والناس إلى أشباههم أميل.
ثالثا : فتّشوا في التاريخ عن أسباب واقعة الجمل ، وكيف حدثت؟ ولما ذا؟! تجدونها أسباب دنيوية لا دينيّة ، فإنّ طلحة والزبير أرادا ولاية البصرة والكوفة ، حبّا للرئاسة والدنيا وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم «حبّ الدنيا رأس كل خطيئة».
وكان الإمام عليّ عليهالسلام يعرف طلحة والزبير حقّ المعرفة ولم يجد فيهما الورع اللاّزم في الوالي وكذلك ليست فيهم الكفاءات الأخرى ، لذلك لم يتنازل الإمام عند رغبتهما ولم يلبّي طلبهما (١) فذهبا إلى أم
__________________
(١) قال ابن أبي الحديد في شرح النهج : ج ١١ / ١٠ ، ط دار إحياء الكتب العربية :[وأراد طلحة أن يولّيه البصرة ، وأراد الزبير أن يولّيه الكوفة فلما شاهدا صلابته في الدين وقوّته في العزم وهجره الادهان والمراقبة ، ورفضه المدالسة والمواربة ، وسلوكه في جميع مسالكه منهج الكتاب والسنّة ، وقد كانا يعلمان ذلك قديما من طبعه وسجيّته ، وكان عمر قال لهما ولغيرهما : إنّ الأجلح إن وليها ليحملنّكم على المحجّة البيضاء والصراط المستقيم ، وكان رسول الله (ص) من قبل قال : وأن تولّوها عليّا تجدوه هاديا مهديّا. إلاّ أنّه ليس الخبر كالعيان ولا القول كالفعل ولا الوعد كالإنجاز ، وحالا عنه ، وتنكّرا له ، ووقعا فيه ، وعاباه وغمصاه ، وتطلّبا له العلل والتأويلات ، وتنقّما عليه الاستبداد وترك المشاورة ، وانتقلا من ذلك إلى الوقيعة فيه بمساواة الناس في قسمة المال ، وأثنيا على عمر وحمدا سيرته وصوّبا