فقال الشيخ بصوت منخفض ـ وهو تحت أقدام السارق ـ : وهبتك الثمن وحلّلت الكفن.
فقال السارق : لا أقبل. إلاّ ان تصيح بصوت رفيع ، تسمعك أمّي في بيتها.
فصاح الشيخ بكل صوته : وهبتك الثمن وحللت الكفن.
فتركه وجاء الى أمه العجوز وأعطاها الكفن.
وقال لها : يا أمّاه سمعت صوت الشيخ يقول : حللت الكفن! قالت : نعم يا ولدي ... جزاك الله خيرا!!
أقول : فلو درت العجوز بصنيع ولدها الظالم بالشيخ المظلوم ، هل كانت تؤيّده وتقول له : جزاك الله خيرا؟!
إنّ كلامك بأنّ عليا عليهالسلام كان راضيا بخلافة الراشدين قبله ، وأنّه بايعهم بالطوع والرغبة ، فقد تكرّر ونحن أجبنا عليه من قبل بالإجابات القانعة المستندة الى كتبكم وتواريخكم ، بأنّهم أجبروه على البيعة بحرق بابه ، وإسقاط ولده المحسن ، وإيذاء زوجته وهي سيدة نساء العالمين ، وإخراجه من البيت حاسرا قد جرّدوا السيف على رأسه ، وهدّدوه بالقتل إن لم يبايع ؛ وما إلى ذلك من حوادث أليمة وفجائع عظيمة.
فلو تظاهر الإمام علي عليهالسلام بالرضا فإنّما كان رضاه مثل رضا الشيخ بيّاع الأكفان ، عن كره وإجبار ، لا كما تزعمون عن طوع ورغبة. فكيف رضي وهو عليهالسلام إلى آخر عمره كان يشتكي من أعمالهم ويتذمّر؟
وكما نرى في خطبه وكلماته وكتبه في نهج البلاغة ، كان كلّما وجد فرصة مناسبة يبدي ظلامته ويقول «صبرت وفي العين قذى وفي