هذا الأمر من بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أهل بيته ، ولا أنّه منحّوه عنّي من بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فما راعني إلاّ انثيال الناس على فلان يبايعونه ، فأمسكت بيدي حتّى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام ، يدعون إلى محق دين محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما ، تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنّما هي متاع أيّام قلائل يزول منها ما كان ، كما يزول السراب وكما يتقشّع السّحاب ، فنهضت في تلك الأحداث حتّى زاح الباطل وزهق ، واطمأنّ الدين وتنهنه».
ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج ٦ / ٩٤ ، ـ ط إحياء الكتب العربي تحت عنوان : خطبة الإمام عليّ عليهالسلام بعد مقتل محمد بن أبي بكر ، قال : وروى إبراهيم ـ صاحب كتاب الغارات ـ عن رجاله عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه قال : خطب علي عليهالسلام بعد فتح مصر ، وقتل محمد بن أبي بكر. فنقل خطبة بليغة ذكر فيها وقائع أليمة وقعت بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذكر بعض ما كتبه لأهل مصر الذي نقلته لكم قبل هذا ، وأشار في خطبته إلى الشورى التي أمر بها عمر بن الخطاب ، وخرج بالنتيجة قائلا :
«فصرفوا الولاية إلى عثمان وأخرجوني منها ... ثم قالوا : هلمّ فبايع وإلاّ جاهدناك ؛ فبايعت مستكرها وصبرت محتسبا ، فقال قائلهم : يا ابن أبي طالب ، إنّك على هذا الأمر لحريص ؛ فقلت : أنتم أحرص منّي وأبعد أيّنا أحرص؟ أنا الذي طلبت ميراثي وحقّي الذي جعلني الله ورسوله أولى به ، أم أنتم اذ تضربون وجهي دونه وتحولون بيني وبينه! فبهتوا ، والله لا يهدي القوم الظالمين».