وثانيا : أن ما ذكروه يرجع إلى أن الله تعالى حكم بالاستحباب لموافقته البراءة الأصليّة ، ومن المعلوم أن أحكام الله تعالى تابعة للحكم والمصالح المنظورة له تعالى ، وهو أعلم.
ومنه : ما إذا حصل الاشتباه في الحكم من جهة تعارض الدليلين على وجه يتعذّر فيه الترجيح بينهما بالمرجّحات المنصوصة ؛ فإن مقتضى الاحتياط التوقّف عن الحكم ووجوب الإتيان بالفعل متى كان مقتضى الاحتياط ذلك.
فإن قيل : إن الأخبار في الصورة المذكورة قد دلّ بعضها على الإرجاء ، وبعضها على العمل من باب التسليم.
قلنا : هذا أيضا من ذلك ؛ فإن التّعارض المذكور مع عدم ظهور مرجّح لأحد الطرفين ، ولا وجه يمكن الجمع به في البين ممّا يوجب دخول الحكم المذكور في المتشابهات المأمور فيها بالاحتياط. وسيأتي ما فيه مزيد بيان لذلك. ومن هذا القسم أيضا » ... إلى آخر ما حكاه عنه في « الكتاب » (١).
وهو كما ترى صريح في ذهابه إلى وجوب الاحتياط في مفروض البحث.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ١١٤ عن الفوائد المدنيّة : ٢٧٩ ، والحاكي عنه هو صاحب الهداية في هداية المسترشدين : ج ٣ / ٥٥٤.