عدم وجود الحلال البيّن فيها ، وتكليف ما لا يطاق باطل عقلا ونقلا ، ووجوب اجتناب كل ما زاد على قدر الضرورة حرج عظيم وعسر شديد ، وهو منفي ؛ لاستلزامه وجوب الاقتصار في اليوم والليلة على لقمة واحدة وترك جميع الانتفاعات ، إلاّ ما استلزم تركه الهلاك.
والاعتذار بإمكان الحمل على الاستحباب لا يفيد شيئا ؛ لأن تكليف ما لا يطاق باطل بطريق الوجوب والاستحباب ، كما لو كان صعود الإنسان إلى السماء واجبا أو مستحبّا ؛ فإن كليهما محال من الحكيم » (١). انتهى كلامه رفع مقامه في بيان هذا الوجه.
وغرضه ممّا ذكره كما ترى ـ بعد تسليم العموم لأخبار وجوب الاجتناب بالنظر إلى اللفظ ـ صرفها عنه بالقرينة العقليّة والنقليّة ، ولا ريب في توجّه ما أفاده في « الكتاب » عليه ؛ ضرورة أن البحث في المسألة على ما عرفت الإشارة إليه فيما كان المورد خاليا عما يقتضي الحلّيّة أو الحرمة من الأمارات والأصول الموضوعيّة ، أو الحكميّة المسلّمة عند الفريقين. وبعد وضعه لا يبقى إلاّ موارد قليلة يرجع فيها إلى الأصل المذكور ولا يلزم منه حرج فضلا عن التكليف بما لا يطاق هذا.
وأمّا ما أفاده قدسسره في ردّ ما ذكره الشيخ المحدّث رحمهالله أخيرا :
__________________
(١) الفوائد الطوسيّة للشيخ الحرّ العاملي قدسسره : ٥١٩.