قلت : ما ذكر يرجع إلى إعادة الإشكال بعبارة أخرى حقيقة ، وقد عرفت دفعه : بأن تطبيق الموضوع الكليّ الذي يحكم به العقل المستقل على الشبهة الموضوعيّة التحريميّة يتوقّف على منع جريان دليل الإباحة الشرعيّة الرافع لما هو المأخوذ قيدا في الموضوع العقلي فيها ، فلو استند المنع إلى نفس حكم العقل فيلزمه الدور الباطل.
فإن شئت قلت : إن ترتيب القياس في المقام يتوقّف على إحراز صغرى الضّرر المشكوك الغير المتدارك ، وهو يتوقف على منع جريان دليل الإباحة ، فلو استند منعه إلى نفس الكبرى المتوقّفة على الصغرى فيلزمه ما ذكرنا من توقّف الشيء على نفسه ، فلا يكون هناك اجتماع بين الحكمين أصلا ، بل الحكم الشرعي بالحلّيّة رافع لموضوع الحكم العقلي فافهم ، هذا كلّه.
مضافا إلى لزومه لغويّة دليل الإباحة الشامل للمقام يقينيا بحيث لا يحتمل خروجه عنه ؛ نظرا إلى كونه موردا لبعض أخبار الحلّيّة ، وهذا بخلاف حمل القاعدة على غير المقام ممّا فرض فيه وجود العلم الإجمالي بالحرمة في الشبهة المحصورة ، فإنه لا يلزم طرح القاعدة رأسا هذا كله.
مضافا إلى أن الحقيق بالمقام هو الوجه الأوّل ، وأن ما ذكر ثانيا فإنّما هو بناء على الإغماض والتسليم ؛ فإن إثبات كون حكم العقل في باب دفع الضّرر المشكوك من حيث هو لا من جهة مراعات عدم الوقوع في المضرّة الواقعيّة المحتملة ، دونه خرط القتاد.