أصلا ، فإن الكلام في الشبهة الموضوعيّة ، والمفروض وجود البيان التّام من الشارع ووصوله إلى المكلفين ، ووقوع الاشتباه في بعض الجزئيّات من جهة اشتباه الأمور الخارجيّة لا يجب على الشارع رفعه ؛ إذ ليس من شأنه من حيث إنه شارع إزالة الشبهة عن الموضوعات الخارجيّة كما هو واضح.
ثانيها : أن المفروض في الشبهات الحكميّة بعد فرض تكميل الدين أيضا بيان أحكام جميع الموضوعات ووصولها إلى نوع المكلفين ، وإن لم يصل إلى جميع أشخاصهم من جهة المقصّرين ، فلا يحتمل ترك البيان في الشبهات الحكميّة أيضا ؛ حتى نتكلّم فيه أنه لمصلحة أو لا لمصلحة ؛ فقضيّة احتمال المصلحة في ترك البيان أجنبيّة عن المقامين ، وإنّما تفيد على تقدير الإغماض عمّا سيجيء في أوائل البعثة.
ثالثها : أنّ تجويز العقل المصلحة في ترك البيان بالنسبة إلى جملة من الأحكام من حيث كون بناء الشارع على تبليغ الأحكام على الوجه المتعارف ، وعلى حسب اقتضاء المصالح الموجبة لبيانها إنّما يرفع قبح ترك البيان من الشارع من حيث كونه لطفا ومقصودا من الخلقة ، ولا يوجب حسن المؤاخذة والعقاب والحال هذه ؛ ضرورة استقلال العقل في الحكم بالقبح مع عدم وصول البيان التامّ إلى المكلفين ، أو عدم توجيهه إليهم وإن وصل إليهم كما هو المفروض في المقام على ما عرفت ، وإن قطع بترك بيان الشارع لحكم الواقعة لمصلحة من المصالح فضلا عما لم يقطع بذلك ، واحتمل البيان مع عدم وصوله إلى المكلّفين فتدبّر.