نعم ، فيما أفاده من أولويّة ثبوت هذا المعنى على القول بالتخطئة تأمل ظاهر ، بل الظاهر في النظر تعيّن ذلك على القول بالتصويب ؛ إذ لا واقع عليه إلاّ ما أدّي إليه الطرق الظنّية. نعم ، على تقدير إرادة الحكم الظاهري من التكليف لا بدّ من ابتنائه على القول بالتخطئة ، فلا يناسب أولويّة الثبوت أيضا.
ثمّ إن الوجه فيما أفاده قدسسره والحامل له على ذلك : هو ما يستفاد من مطاوي كلماته وبني عليه في غير موضع منها ؛ من أن الذي يحكم به العقل وعليه بناء العقلاء في أمورهم هو وجوب دفع الضّرر المظنون لا المحتمل والموهوم ، فلا يجب دفعه حتّى يلزم تحصيل العلم بالواقع ، أو الاحتياط في تحصيله.
ومن هنا بني على كون مقتضى الأصل الأوّلي عند انسداد باب العلم بالأحكام الشرعيّة العمل بالظنّ دون الاحتياط ، بل ظاهر قوله في المقام بعد الكلام المذكور على وجه التفريع : ( ولذا لم نقل بوجوب الاحتياط وترك العمل بالظنّ الاجتهادي من أوّل الأمر ) (١) وعن « المعالم » سلوك هذا المسلك عند انفتاح باب العلم أيضا.
وهذا كما ترى ، وإن كان ضعيفا من وجوه أشرنا إليها في الجزء الأول من التعليقة عند الكلام في حجيّة الظن المطلق ، إلاّ أن الغرض من التعرّض له في المقام وعنوانه مجرّد بيان مرامه ، وأنه لا يقول بتبعيّة الأحكام الواقعيّة لما ساعد عليه
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٢ / ٢٨٤ ، عن قوانين الأصول : ج ٢ / ٣٧.