أقول : لمّا أثبتنا ـ في طيّ ما قدّمناه لك ـ كون قضيّة الأصل بعد تنجّز الخطاب بالواقع وجوب الاحتياط وتحصيل الموافقة القطعيّة بإتيان تمام محتملات الواقع في المقام ، وأن القائل بخلافه لا بدّ له من إقامة الدليل عليه من جانب الشارع الدّال على اكتفائه عن الواقع في مرحلة الظاهر ببعض محتملاته ، وأنه ليس ممّا يتوهّم دلالته عليه إلاّ ما دلّ على البراءة عموما عند عدم العلم بالحكم الشرعي تعرّض لبيان عدم صلاحيّته للدلالة عليه متفرّعا ذلك على ما فرغ عن ثبوته من حرمة المخالفة القطعيّة ؛ من حيث إن إجراءه بالنسبة إلى كل مشتبه بخصوصه موجب لطرح العلم الإجمالي رأسا.
وهو مع منافاته لما بنى عليه في المقام الأوّل ولحكم العقل ، مناف لنفس الأخبار ؛ من حيث إيجابه لطرح المعلوم وإجرائه بالنسبة إلى أحدهما المعيّن مع عدم المعيّن ، موجب للترجيح من غير مرجح وهو محال ، وإجراؤه بالنسبة إلى أحدهما لا على التعيين لا يتحمّله الأخبار بعد خروج المشتبهين منها ـ على ما عرفت شرحه في مطاوي ما قدّمناه لك ـ فليس هنا ما يرفع موضوع حكم العقل بوجوب الاحتياط ، وهذا كما ترى ، لا سترة فيه أصلا وقد نبّهنا عليه في غير موضع من كلماتنا السابقة ونبّه عليه شيخنا ( دام ظلّه ) أيضا في مطاوي كلماته السابقة.
إنما الكلام فيما أفاده في المقام : ( من دلالة الأخبار مفهوما على وجوب