إلى ما ذكرنا ، وإن كان ظاهره الالتزام بلزوم جعل بعض المحتملات بدلا عن الواقع فيما جوّز ترك غيره كما هو ظاهره في غير موضع من هذا الجزء من « الكتاب » ، على خلاف ما استظهرناه منه في الجزء الأوّل من « الكتاب » ، واخترناه في هذا الجزء والجزء الأوّل من التعليقة ؛ من حيث إن المجوّز لإذن الشارع هو ملاحظة المصلحة فيه من غير توقّف على جعل غير المأذون بدلا عن
__________________
عليه.
وبالجملة : لما كان العلم الإجمالي كالعلم التفصيلي علّة تامّة للتنجّز بكلتي المرتبتين فلا بد من الإحتياط في المقام بإتيان الطرفين ولا يكتفي بإتيان أحدهما إلاّ إذا قلنا بأنّ أحد الطرفين بدل جعلي من طرف الشارع ، فحينئذ يكتفي به ولا يلتزم الإتيان بالآخر.
وهذا لا ينافي علّيّته التّامّة من حيث ان جعل البدل ليس في مقام إثبات التكليف أي : مقام شغل الذمّة واللزوم على العهدة ، وإنّما يكون في مقام إسقاط التكليف أي : مقام فراغ الذمّة والخروج عن العهدة ، والعقل في هذا المقام لا يلزم بإتيان عين الواقع ، بل يلزم بإتيان ما يرضى به المولى منه أو من بدله.
بل قد عرفت إمكان جعل البدل في العلم التفصيلي أيضا في مقام الفراغ بل وقوعه ، كما في مطلق الأصول الجارية بعد العمل أو حينه ، مثل قاعدة الفراغ أو أدلّة الشكوك الصحيحة في الصلاة.
وربما كان نظر المصنّف قدسسره في اختصاص جعل البدل بالعلم الإجمالي إلى حال قبل الإشتغال بالإمتثال حيث لا يكون في العلم التفصيلي إحتمال ومحتمل حتى يجعل بدلا عن الواقع » إنتهى. أنظر عمدة الوسائل : ج ٢ / ١٧٥.