العلم بالإذن كما توهّم في السؤال.
فإن شئت قلت : إن حكم العقل بقبح المخالفة القطعيّة للعلم الإجمالي ـ على ما أسمعناك مرارا ـ إنّما هو من حيث حكمه بوجوب إطاعة الخطاب المنجّز بالعلم الإجمالي ، وإلاّ فليست المخالفة للعلم الإجمالي من حيث هي هي قبيحة مع قطع النظر عن تنجّز الخطاب ووجوب إطاعته في حكم العقل.
وقد عرفت عدم الانفكاك في حكمه بين المخالفة القطعيّة ، والموافقة القطعيّة فلو فرض عدم حكمه بوجوب الثانية في مورد لم يحكم بحرمة الأولى أيضا ، كما هو الشأن في موارد عدم تعلّق العلم الإجمالي بالخطاب المنجّز ، فالالتزام بحرمة الأولى وعدم وجوب الثانية لا يجوز في حكم العقل أصلا.
ولا ينافي ذلك تجويز قناعة الشارع عن الواقع ببعض محتملاته ؛ لأن مقتضاه إثبات إذن الشارع وترخيصه في القناعة ، فما لم يثبت حكم بوجوب الاحتياط كما يقول به القائل به ؛ إذ ليس مراده إلاّ ذلك ، فيكون مقتضى الأصل والقاعدة هو وجوب الاحتياط في مورد العلم الإجمالي بالخطاب المنجّز ، فلا يتوقّف الحكم به على قيام دليل عليه من جانب الشارع كما توهّم في السؤال.
فقد علم مما ذكرنا من البيان في الجواب عن السؤال : إنه ليس هنا مناقضة بين حكم العقل والشرع فيما ورد على الاكتفاء ببعض محتملات الواقع أصلا ، لعدم تواردهما على الموضوع الواحد حقيقة ؛ حيث إن حكم الشارع يتعلّق بترك بعض أطراف الشبهة ويلزمه ارتفاع احتمال العقاب عنه على تقدير كونه الواجب